تضارب الإجراءات البنكية- معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في استلام الإعانة.

من الأمور المستغربة حقاً، والمدهشة بكثرتها، أن يلاحظ المرء تناقضاً واختلافاً في كيفية تطبيق القوانين بين مؤسسة وأخرى، بالرغم من أن كلتيهما تلتزمان بإطار تنظيمي مشترك. مثال على ذلك، أب رزقه الله بابنة تعاني من إعاقة جسدية تامة، بلغت نسبة عجزها مئة بالمئة، وبناءً عليه، أقرت لها وزارة الشؤون الاجتماعية دعماً مالياً شهرياً منذ سنوات مديدة، كان الوالد يتلقاه بصورة نقدية. لاحقاً، استوجب النظام إيداع المبلغ في حساب خاص باسم الابنة، فقام الأب بإنشاء حساب لها بموجب وكالة شرعية رسمية حصل عليها بصعوبة بالغة، نظراً للوضع الصحي الحرج لابنته، فهي طريحة الفراش منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، وتعتمد بشكل كامل على رعاية أسرتها في تلبية احتياجاتها الضرورية كاحتياج الرضيع. سعيًا لتخفيف العبء الثقيل عليه، تقدم الأب بطلب إصدار بطاقة صراف آلي باسم ابنته من البنك الذي يتم فيه إيداع الدعم المالي المخصص لها، مقدماً الوكالة الشرعية السارية وتقارير طبية مفصلة عن حالتها الصحية، وأوضح لهم موافقة مكتب الشؤون الاجتماعية على طلبه إصدار بطاقة الصراف الآلي باسم ابنته عن طريقه. ولكن طلبه قوبل بالرفض القاطع، وطالبوه بضرورة الحضور شخصياً إلى البنك كل شهر ومزاحمة الجموع لاستلام المبلغ المقرر. وعندما امتثل لتعليماتهم وذهب إلى البنك، وجد أمامه عراقيل أخرى، إذ كان عليه مقابلة المدير الذي بدوره يقوم بالاتصال بالمستشار القانوني في كل مرة للاستفسار عما إذا كان يحق له صرف المبلغ أم لا، وكأن الوكالة الشرعية لا تحمل أي قيمة قانونية على الإطلاق. أمام هذه الصعوبات المتراكمة التي واجهها هذا الرجل المسن الذي تجاوز السبعين عاماً، اقترح عليه أحد أقاربه التوجه إلى بنك آخر وتقديم طلب للحصول على بطاقة صراف آلي لابنته بعد فتح حساب جديد باسمها في البنك البديل. فقام الأب بتنفيذ الاقتراح، وفتح حساباً جديداً، وصدرت له بطاقة الصراف الآلي دون أي تأخير أو تعقيدات. وذكر لي شخصياً أنه راسل فرع مؤسسة النقد في مكة المكرمة في بداية معاناته، ولكنه لم يجد لديهم حلاً لمشكلته. والآن، يتساءل بحيرة واستغراب عن الأسباب الكامنة وراء هذا التضارب في التفسيرات والإجراءات بين بنك وآخر، على الرغم من أن جميع البنوك تخضع لنفس النظام المصرفي الموحد المعمول به في البلاد.